أحكام وشروط الاعتكاف للنساء
أحكام وشروط الاعتكاف للنساء قد تم توضيحها من قبل الفقهاء في الدين، وهي ما تضع حدًا للشكوك التي تراود النساء بخصوص أداء تلك العبادة، ونظرًا لكثرة الفتاوى التي قد تُذهب أجرًا أو تأتي بضعفه، ففيما يلي سوف نتناول كل ما يتعلق باعتكاف النساء بدايةً من حُكمه إلى فضله العظيم.
حكم الاعتكاف للنساء
قد اقتربت نفحات أيام الشهر المبارك، وهو ما يجعل الكثير من التساؤلات تدور في عقل الفرد سواء رجل أم امرأة، ونظرًا لكثرة الفتاوى تلك الآونة وضرورة معرفة الحكم الصحيح، فها نحن نتناول شق هام من القضايا الشائكة في المجتمع.
إن الاعتكاف أولى العبادات التي يعقب ذكرها كلمة الرجال، وهو ما يكون خاطئًا فالاعتكاف سنة وقربة من الله تعالى لكل من السيدات والرجال، وهو ما جعل الفقهاء بدار الإفتاء يوضحون حكم الاعتكاف للمرأة في المسجد.
فقالوا إنه جائز للنساء ما دام توافر بعض الشروط والبنود، ولها أجر عظيم حيال ذلك وتحظى بفضله، ولكن في حالة لم تتوافر تلك الشروط فيجب عليها ألا تعتكف.
اعتكاف النساء في السنة النبوية
استشهد الفقهاء في إجابتهم وتوضيحهم لحكم اعتكاف النساء في المساجد بعهد النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقد ترك لنا في سنته النبوية ما لا نشقى بعده، فذُكر عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ في حديث شريف أن هناك زوجة من زوجات أشرف الخلق شاركته في اعتكافه.
يقال إنها سودة بن زمعة، أو رملة أم حبيبة بنت أبي سفيان، وقيل في بعض الروايات الأخرى إنها زينب بن جحش، وهذا ما يجعل اعتكاف السيدة جائزًا ما دامت ملتزمة بشروط الاعتكاف.
لا يفوتك أيضًا: شروط واحكام الاعتكاف للرجال والنساء
شروط اعتكاف النساء
أوضح الفقهاء أن الاعتكاف من العبادات الرمضانية المأثورة عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ، ويمكن أن تؤديها المرأة على أن تتوافر الشروط التالية:
- يشترط عقد النية للاعتكاف أولًا.
- أن يكون المكان آمن ولا يتواجد به خطير عليها.
- ألا يكون هناك فتنة قد تتعرض لها.
- أن يكون الاعتكاف في المسجد وليس المنزل.
- يشترط أن تحصل المرأة على إذن وليّها أو زوجها.
- يجب أن تكون المرأة مدركة وعاقلة.
- أن تستتر عن الرجال حتى لا تُفتن أو تفتن.
- أن يكون هناك من يؤنسها معها في الاعتكاف.
- ألا يعرضها الاعتكاف للشر.
هل يمكن للحائض أن تعتكف؟
الاعتكاف هو أن يجلس العبد في مكان منعزل عن الناس لبعض من الوقت، ويكون في رمضان بالأيام العشر الأخيرة، بحيث يتفرغ العبد لعبادة الله فقط في النهار والليل بتلك الأيام، ويمكن أن تزيد المدة أو تقصر حسب رغبته على ألا تقل عن ليلة أو ساعة.
أي أن الاعتكاف شرطه أن يتم قطع العلاقات مع كل الخلق للاتصال بالخالق والمولى عز وجل، ويتفرغ العبد فقط للصلاة والقيام وذكر الله تعالى مع تلاوة القرآن الكريم، ولكن لا بأس أن يكون هناك زيارات من الأهل أو الأقارب في ذلك الوقت.
على هذا فيمكن للمرأة الحائض أن تعتكف لله تعالى في شهر رمضان، دون أن يقع عليها إثم، ولكن يسقط عنها فرض الصوم أو الصلاة، فتتفرغ فقط لقراءة القرآن وذكر الله تعالى، وكذلك عليها ألا تلوث المسجد وبيت الله تعالى.
استشهد الفقهاء في ذلك حديث منقول في السنة النبوية عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ:
|
يوضح في الحديث الشريف أن هناك امرأة من زوجات النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد اعتكفت معه في المسجد وهي حائض وترى الدم، ولكنها حرصت ألا تقوم بتلويث المسجد من خلال وضع ما يشبه وعاء أسفلها لكيلا يسقط الدم على الأرض.
زيارة المرأة زوجها في المعتكف
أوضح الفقهاء أنه يجوز للمرأة أن تزور زوجها في معتكفه، كما يجوز أن يخلو بها وكذلك من الممكن أن يزوره أصحابه أو أهله، وهو ما نقتدي به من سنة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقد كانت زوجاته يزرنه وأصحابه وأهله.
فعن علي بن الحسين بن علي ـ رضي الله عنه ـ عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ:
“أنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَخْبَرَتْهُ، أنَّهَا جَاءَتْ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ تَزُورُهُ، في اعْتِكَافِهِ في المَسْجِدِ، في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ …” صحيح مسلم].
هل يمكن للمرأة قطع الاعتكاف
ما إن يقرر العبد أن يعتكف فإنه يعقد النية على أن يتمّه ولا يوقفه، ولكن في حالة حدث عذر ما أو غيره يجب عليه أن يقطع الاعتكاف من أجله فيمكنه أن يقوم بذلك دون أن يقع في الإثم، وهو ما يسير على كل من الرجال والسيدات.
فيستحب أن يقوم بإعادة وصله وإتمامه أو لا يفعل ولا يكون عليه حرج حيال ذلك، فعن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ:
|
لا يفوتك أيضًا: الاعتكاف عند الشيعة شروطه واحكامه ومبطلاته
مبطلات الاعتكاف
هناك بعض من الأمور التي تجعل الاعتكاف باطل وهو ما يجب أن تحرص عليه المرأة في اعتكافها، وتتمثل فيما يلي:
- الخروج من المسجد دون حاجة لذلك وعدم وجود مبرر.
- تناول المشروبات الكحولية.
- الجماع، ولكن ملامسة الزوج والاحتلام لا يُفسد الاعتكاف.
فقد قال تعالى:
(وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [سورة البقرة 187].
- الردة.
كما عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ:
“كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذا اعْتَكَفَ يُدْنِي إلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وكانَ لا يَدْخُلُ البَيْتَ إلَّا لِحاجَةِ الإنْسانِ”. [صحيح مسلم].
وقت الاعتكاف
على الرغم من أن كلمة الاعتكاف مرتبطة بشكل كبير لدى المسلمين بشهر رمضان المبارك، إلا أنه يمكن الاعتكاف في أي من الأشهر الهجرية، وذلك اقتداءً بسنة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
فقد كان النبي الكريم يعتكف في رمضان وشوال وغيره من الأشهر، فلم يتم وضع مدة أو وقت محدد لتلك السنة، بل إنها مجرد تقرب من العبد بربه وإن اعتكفت المرأة وهي مفطرة وليست صائمة في غير شهر رمضان فهو جائز كذلك.
فعن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ:
“ …. فَلَمَّا أصْبَحَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأَى الأخْبِيَةَ، فَقالَ: ما هذا؟ فَأُخْبِرَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ألْبِرَّ تُرَوْنَ بهِنَّ فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذلكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِن شَوَّالٍ” [صحيح البخاري].
كما أنه عن طاووس بن كيسان اليماني:
“كان ابنُ عباسٍ لا يَرَى على المُعتكفِ صيامًا إلا أنْ يَجعلَهُ على نفسِه” [صحيح موقوف].
مدة البقاء في المسجد حسب المذاهب الأربعة
قد أوضح الفقهاء أن هناك مدة معينة لوقت الاعتكاف في المسجد لدى كل من المذاهب الأربع، وفيما يلي نوضحهم لكِ:
- المذهب الحنفي: في حالة كان الاعتكاف مندوبًا فيعد اعتكافًا في حالة تم البقاء في المنزل لو لفترة قصيرة.
- لدى الشافعية: يجب أن يبقى المعتكف في المسجد لأكثر من زمن الطمأنينة في الركوع، وذلك حتى ينطبق عليه وصف الإقامة.
- مذهب المالكية: يجب أن يبقى المعتكف في المسجد ليلة ويوم، وألا ينقص وقت الاعتكاف عن 10 أيام.
- لدى الحنابلة: يجب أن يبقى المعتكف في المسجد ساعة، أو حتى لحظة والأهم أن يبقى فيه ويلبث.
الجدير بالذكر أن فقهاء مذاهب الحنفية، الشافعية والمالكية قد اتفقوا على مدة يسيرة للاعتكاف سواء للرجال أو النساء، وهي أن يبقى المعتكف/ة في المسجد يومًا وليلة، وذلك لأنهم رأوا أن الصوم شرط للاعتكاف الصحيح، واليوم مدة كافية للصوم.
آداب الاعتكاف
هناك عدد من الآداب التي يجب الانتباه لها أثناء الفترة التي تعتكف بها السيدة، سواء كانت ليلة أو يوم وتتمثل فيما يلي:
- من الهام احتساب الأجر والثواب لدى الله تعالى، وأن يتم عقد نية الاعتكاف.
- استشعار الحكمة من الاعتكاف.
- ألا يتم الخروج من مكان الاعتكاف.
- الحرص على أن يتم التهيؤ للصلاة قبل أن يأتي وقتها.
- تقليل الطعام والنوم أو الكلام في الاعتكاف.
- الحفاظ على الوقت والتدبر في آيات الله أو ذكره.
- يجب أن يتحلى المرء بالصبر وأن يكون سعيد في المعتكف، لا يشعر بالضيق أو يتذمر.
- معاونة المعتكفات الزميلات وأن يتم التعاون على البر.
لا يفوتك أيضًا: دعاء ليلة القدر مكتوب أفضل 9 ادعية ليلة القدر مستجابة
فضل الاعتكاف
إن الاعتكاف سنة عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهو ما يحصل منه المرء على فضل عظيم، ومن ضمن أفضاله ما يلي:
- يساعد الإنسان على ضبط النفس وأن يتم ترك الشهوات.
- يجعل المرأة قادرة على محاسبة نفسها.
- البعد عن بعض العادات السيئة من سهر أو حب الشهوات وغيرها.
- صفاء القلب لأن الإنسان يبتعد عن الناس ويخلو بربه مبتعدًا عن كل الصفات الذميمة في الناس.
- يجعل المرأة تتخلى عن النميمة أو الغيبة في جلسات النساء.
يصحّ للمرأة أن تعتكف ما دام توافرت الشروط والبنود خاصةً عقد النية وترك المبطلات، مع أخذ الإذن طالما كانت متزوجة، فلا يصح لها أن تعتكف وزوجها غير راضٍ عن ذلك أو في حالة كان هناك أذى لها أو فتنة.